تونس: مع زيادة أزمات الاقتصاد.. تونس تواصل رفض قروض صندوق النقد



تونس: مع زيادة أزمات الاقتصاد.. تونس تواصل رفض قروض صندوق النقد

خاص سوق في تونسفي ظل الأزمات الاقتصادية التي تشهدها تونس، تتمسك بموقفها الرافض للشروط القاسية، لبرنامج صندوق النقد الدولي، التي تضع رفع الدعم عن السلع الأساسية أولوية للموافقة على إقراضها، في حين تسعى الحكومة لتدبير أمورها بعيدًا عن المؤسسات الدولية.وتعاني البلاد وضعاً اقتصادياً متأزماً جراء الصدمات المتتالية، سواء الداخلية أو الخارجية، منذ عام 2011، مرورًا بالتبعات الواسعة لجائحة كورونا ثم الحرب في أوكرانيا، وما فرضته من ضغوطات على الاقتصادات حول العالم. خلافات سياسيةووفق الخبير الاقتصادي عبد الرحمن طه، فإن أزمات الاقتصاد التونسي مرتبطة ببعض المعطيات الموجودة داخل تونس، كتأثرها بثورات الربيع العربي بشكل ملحوظ.وقال عبد الرحمن طه، في تصريحات خاصة لـ”إرم اقتصادية”، إنه رغم ارتفاع الوعي ونسبة التعليم في تونس، فإن الخلافات بين الأطراف السياسية كبيرة في البلاد، ما أثر على الدولة وخلّف ديونًا وقلل الإنتاج، ورغم هذه المعطيات السلبية، ترى تونس صعوبة في التعامل مع شروط صندوق النقد الدولي، الذي يضع رفع الدعم أولوية لاسترداد أمواله مرة أخرى من الدول.وأضاف طه أن صندوق النقد الدولي لا يستهدف وجود مشروعات لها عوائد إنتاجية، ومن خلالها يتم سداد قروضه، بقدر نظرته إلى رفع الدعم، على أساس أنه يقوم على سياسة تحصيل الديون من المصادر الثابتة للتمويل من الدولة، دون أي تأخير أو تأجيل.تأجيج العلاقة بين الدولة والمواطنينوأشار إلى أن صندوق النقد الدولي، يتدخل في رفع الدعم عن الطاقة، وفرض الضرائب، لكن مؤخرًا بات يغير من سياساته بسؤال الدول “أين ستصرف تلك الأموال؟”، فعندما يرفع الدعم عن الطاقة والخبز وخلافه، يؤجج العلاقات بين الدول والمواطنين، لذلك تفترض تونس احتمالية حدوث أزمات اجتماعية بجانب الأزمات الاقتصادية.صندوق النقد الدولي لا يستهدف وجود مشروعات لها عوائد إنتاجية، ومن خلالها يتم سداد قروضه، بقدر نظرته إلى رفع الدعم الخبير الاقتصادي عبد الرحمن طه وقبل أشهر قليلة، أعلن صندوق النقد، أن تونس لم تطرح مقترحات جديدة لبنود برنامج القرض (الذي تأخر كثيرًا) بقيمة 1.9 مليار دولار، لكن عليها أن تلغي الدعم الذي يشكل عبئًا ولا يوفر عدالة اجتماعية.أما أزمات تونس الاقتصادية الحالية، فتتطلب التعافي السريع بوقوف الشعب مع دولته في مواجهة التحديات، وأن تندمج تونس بشكل أكبر مع دول أوروبا والمغرب العربي، لإعادة هيكلة الاقتصاد مرة أخرى، بما يتوافق مع الثروات الكبيرة لديها والتعويل على نسبة التعليم الكبيرة لمواطنيها، لا سيما في فرض الاستقرار لجذب السياحة مرة أخرى، وفق تقديرات طه.وارتفع مؤشر أسعار “الاستهلاك العائلي” التونسي، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بنسبة 0.3 في المائة، على أساس شهري، وتراجع معدل التضخم إلى 8.3 في المائة. بدائل صندوق النقدمن جانبها، تشير الخبيرة الاقتصادية المصرية حنان رمسيس، إلى أن تونس تتعرض لأزمات اقتصادية نتيجة التوترات الجيوسياسية بالمنطقة والتغيرات الديمقراطية، لافتة إلى أن النزاع على السلطة خلق حالة من عدم الاستقرار وغياب الأمان، ما دفع الدولة إلى تحمل فاتورة كبيرة من الخسائر الاقتصادية، لا سيما أن الاقتصاد التونسي كان قائمًا كليًا على السياحة.وأوضحت حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لـ”إرم الاقتصادية”، أن الأزمات الاقتصادية جعلت تونس تعاني من ارتفاع سعر الصرف، وشح الموارد التي يمكن أن تستكمل من خلالها خطط التنمية، وبسبب الأزمات الداخلية وشروط صندوق النقد، قررت تونس ألا تلجأ للقروض لحل أزماتها الاقتصادية.وبشأن بدائل صندوق النقد، قالت رمسيس إن تونس تعول على التعاون مع الدول العربية، مشيرة إلى دعم النشاط الاقتصادي داخل تونس، بإجراءات أخرى دون اللجوء للصندوق، عبر تنمية الموارد النفطية والغازية أو أي موارد طبيعية، إلا أن هذا الأمر بالغ الصعوبة نتيجة احتياجات الدولة الداخلية.وترى حنان رمسيس أن قرار القيادة التونسية الحالية بعدم التعاون مع صندوق النقد الدولي، أمر ناجح على المدى القصير، لكن ستكون له مشكلات على المدى البعيد في الوفاء بالمستلزمات الدولارية في ظل الانخفاض المستمر للعملة المحلية، ما يعرض الشعب إلى ضغوطات كبيرة وقد يثور بسببها في المستقبل.واعتبرت حنان رمسيس أن الموقف الحالي للرئيس التونسي قيس سعيد “حنجوري”، ويزعم من خلاله المحافظة على مقدرات الشعب، ولكن فعليًا هو ينتهك عبره احتياجات النقد الأجنبي، وسيلجأ في النهاية إلى الاقتراض من الصندوق. 3 شروطيرى أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان المصرية الدكتور عمرو سليمان، أن برامج صندوق النقد الدولي الحالية، المقدمة للحكومات الراغبة في الاقتراض ليست ملزمة، وذلك بعد توقف الصندوق عن إرغام الدول على اتباع سياسات معينة لذلك، إذا قررت الحكومة التونسية الاقتراض فيجب عليها الإجابة عن سؤال مهم يطرحه الصندوق “من أين سترد أموال القرض؟”.الدكتور عمرو سليمان أشار، في حديثه لـ”إرم الاقتصادية”، إلى أن الوضع السياسي الحالي في تونس يشهد احتقانًا كبيرًا، إلى جانب تراكم الديون وزيادة التضخم، وعجز كبير في الموازنة، في وقت يضع فيه صندوق النقد شرطًا بتحرير سعر صرف العملة، لضمان عمل السوق بكفاءة أكبر.وأضاف سليمان أن تونس إذا قررت اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، فيجب أن تنفذ ثلاثة شروط اقتصادية صحيحة؛ تتمثل في تحرير سعر العملة، وترشيد الإنفاق وبشكل خاص الدعم، وزيادة أسعار الفوائد لاستهداف التضخم، على أساس أنه يمثل ضغطًا في الأجل القصير على المواطن التونسي بارتفاع أسعار السلع.ويؤدي رفع سعر الفائدة إلى مزيد من العجز في الموازنة التونسية في الأجل القصير، وفق تقديرات سليمان، الذي يشير إلى أن تداعيات هذه الأمور تُقلق القيادة السياسية في تونس، وتجعلها لا تنظر إلى الاقتراض من صندوق النقد، وتلجأ إلى المسكنات ولكنها في النهاية ستلجأ إلى الاقتراض فلا مفر من ذلك.


مصدر: https://www.tunisactus.com

شاهد أيضا